إدارة الجودة الشاملة في تسيير الموارد البشرية داخل الجماعات المحلية: دراسة حالة ولاية تبسة -

Abstract

في خضم الوضع المتردي الذي تعيشه الجماعات المحلية الجزائرية المسؤولة عن تقديم الخدمات للمواطن و تلبية حاجاته، فإن أسلوب إدارة الجودة الشاملة في تسيير الموارد البشرية يمكن له أن يكون الانطلاقة الحقيقية و الجادة نحو التحسين المستمر في الجماعات المحلية و هذا ما ينعكس إيجابا على مدى رضا المواطنين على الخدمات المقدمة لهم من طرف هذه الإدارات، و من خلال كل ما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية: إلى أي مدى يمكن لإدارة الجودة الشاملة أن تساهم في تسيير الموارد البشرية داخل الجماعات المحلية بصفة عامة و بولاية تبسة بصفة خاصة؟، و من خلال ما تم عرضه في محتويات الفصل الأول و بالضبط في المبحث الأول المتعلق بإدارة الجودة الشاملة يمكننا التسليم بأن مصطلح الجودة يعد مصطلحا قديما على مر العصور الإنسانية، و الذي كان قديما يمثل معاني الاتقان و الدقة في العمل، و قد انطلق الإنسان الحديث في دراسة و تمحيص و تحليل هذه الفلسفة، و هذا راجع للحاجة للإنتاج و الزيادة في عدد الأسواق و السلع خلال القرن الماضي، و هذا قد تجلى فيما قامت به اليابان من معجزة صناعية حديثة بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية، و هو ما ولد المراحل التاريخية لتطور مفهوم الجودة المعاصر، من مراحل الفحص و التفتيش، إلى مرحلة تطبيق الجودة و توكيدها، و أخيرا مرحلة إدارة الجودة الشاملة، التي سطعت في ثمانينات القرن العشرين، و أصبحت الشغل الأهم بالنسبة للمنظمات الحديثة و ضمان لمستقبلها في العقود القادمة، أما فيما يخص المبحث الثاني المتعلق بالأسس النظرية لإدارة الجودة الشاملة، فقد قمنا بتوضيح الدور الذي بدأت تلعبه إدارة الجودة الشاملة و ما بدأت تحققه من نجاحات على جميع مستويات التطبيق، و قد اتفق معظم الباحثين على أن المفهوم الشامل لإدارة الجودة الشاملة يتجلى في أنه منهج إداري متكامل له مبادئ و أفكار يجب أن تتوفر لها الظروف الملائمة للتطبيق من أجل ضمان فعاليتها و نجاحها، و يجب أيضا ذكر أن الجودة الشاملة لا بد لها من مرتكزات أساسية و ضرورية لحسن تطبيقها و لا بد لها من قادة متمكنين، لديهم استعدادات للتغيير في سلوكيات العمال التنظيمية، و كذا القدرة على توزيع الأدوار عليهم، و توضيح أهمية إدارة الجودة الشاملة، و التميز و ردود الأفعال السريعة و الفورية للاستجابة لحاجيات الزبائن، و التقليل من نسب التسرب الوظيفي و معدلات الغياب، و في الفصل الثاني وجد أن إدارة الجودة الشاملة تعتبر شكلا تعاونيا لإنجاز الأعمال يعتمد على ما يمتلكه العنصر البشري في المؤسسة من خبرات و قدرات و إمكانيات، فهو يمثل طاقات حيوية تتطلب العناية و التطوير المستمر بتوفير برامج التعليم و التدريب التي تمكن جميع العاملين من المشاركة في تطبيق إدارة الجودة الشاملة و تحقيق النجاح و التميز في أداء المؤسسة، و هذا ما نلاحظه أيضا في أنظمة الجوة إيزو 9000 و الإدارة الفعالة لتطوير الموارد البشرية، فهما يؤكدان على تطوير و تنمية العنصر البشري باعتباره قدرة عقلية و إمكانيات فكرية لا بد من استثماره و توظيف قدراته و تطوير أدائه، و الاهتمام المتواصل بزيادة رصيده المعرفي باتباع سياسة تحفيز تقوم على تقدير جهود العاملين في المؤسسة، و يتم التركيز في ذلك على المسؤولية الجماعية و ليس على الأداء الفردي كما شاع في نظم المكافآت التقليدية، فنظام المكافآت المتوافق مع إدارة الجودة الشاملة يجب أن يتصف بالمرونة، و أن يكون مشجعا للعمل الجماعي، و يعمل على خلق البيئة التي تشجع على المشاركة و التعلم، كما أن التزام إدارة الموارد البشرية بقواعد و معايير إدارة الجودة الشاملة و أنظمة الإيزو سوف يسمح بزيادة الرصيد المعرفي للموارد البشرية و تطوير الأداء و تدعيم المركز التنافسي للمؤسسة من أجل الوصول إلى التميز، و هذه غاية ثمينة يجب استيعابها من طرف مختلف الإدارات في المؤسسة الجزائرية مهما كان نشاطها: اقتصادي، اجتماعي، خدمي، ... الخ، و أيا كانت ملكيتها: عامة أو خاصة، و من خلال الفصل الثالث و في الدراسة الميدانية التي اختصت بدراسة مدى تطبيق إدارة الجودة الشاملة في تسيير الموارد البشرية في ولاية تبسة، تبين أن ولاية تبسة تمتلك برامج حقيقية للمشاركة و التدريب و التحفيز و تحسين الأداء، و كل هذه المقومات نابعة من صلب منهج إدارة الجودة الشاملة، ما يجعلنا نقول أن ولاية تبسة عامة و مصلحة المستخدمين خاصة تسير مواردها وفق مبادئ إدارة الجودة الشاملة.