Résumé:
لم تعد ظاهرة الإقتصاد غير الرسمي محصورة في أطر وطنية وجغرافية محدودة، بل
أصبحت مشكلة ذات طابع دولي، فلا يكاد يخلوا إقتصاد من دائرة النشاطات غير الرسمية. ومنذ
طرحه على دائرة النقاشات سنة 1972 وللخبراء وجهات نظر مختلفة حول ماهية الإقتصاد غير
الرسمي نظرا لصعوبة حصر كافة الأنشطة غير الرسمية لكثرتها، وكذا إندراج هذه الظاهرة ضمن
مسميات عديدة منها: الإقتصاد غير المنظم، الإقتصاد الخفي، الإقتصاد النفقي، الإقتصاد الظلي،
الإقتصاد الموازي...وغيرها من المعاني المعبرة عن إتساع تغلغل هذه الظاهرة في إقتصاديات الدول.
الأمر الذي يجعل من يدرس الظاهرة، ويتتبع تشعباتها يختلف مع غيره من الدارسين والباحثين في
المجال ذاته للوصول إلى تفسير شامل وجامع لها.
إنطلاقا من هذه الإعتبارات، فإن التعقد الشديد للمسألة في مقارباتها إنعكس على تقديراتها،
حيث لم يتفق الإقتصاديون حول تقدير ثابت لحجم الإقتصاد غير الرسمي، ويرجع ذلك لطبيعة ظاهرة
الإقتصاد غير الرسمي من حيث أنها ظاهرة خفية. وتوجد الآن العديد من الأساليب والمناهج لتقييم
حجم الإقتصاد غير الرسمي، والتي تتباين تباينا كبيرا حسب مصادر جمع المعلومات الإحصائية،
ونوعية الأنشطة الممارسة، وليس هناك طريقة مثلى في التقييم، فكل منهج يتسم بجوانب قوة وضعف
متفردة، وتخلص إلى رؤى ونتائج متمايزة.
وقد ظهر الإقتصاد غير الرسمي في الجزائر منذ فترة طويلة متخذا أشكالا وصورا متعددة،
لكن الملفت للإنتباه هو التغير الملاحظ في مسار وحجم الظاهرة خلال فترة التسعينات مع الإنتقال إلى
إقتصاد السوق، فإزالة إحتكار التجارة الخارجية، تفكيك القطاع العام، تسريح العمال، البطالة، الأوضاع
الأمنية... كلها عوامل ساعدت في الإنتشار المخيف للإقتصاد غير الرسمي على حساب الإقتصاد
الرسمي. ما حدا بالعديد من الإقتصاديين للمطالبة بضرورة حصر جميع الأنشطة الممارسة ضمن هذا
الإقتصاد ومحاولة دمجه ضمن الإقتصاد الرسمي للإستفادة من مزاياه والتخفيف من آثاره السلبية.