Résumé:
يعد حقل الدراسات الإستراتيجية والأمنية حقل مفعم بحيوية علمية وفكرية. تؤطرها مدارس ونظريات تقدم مفاتيح تسهل عملية فهم العديد من الظواهر الدولية، وإضاءة الجوانب الغامضة للعديد من القضايا المتنامية الأهمية ، والتوظيف الجيد للمفاهيم الاساسية المستخدمة في هذا النوع من الدراسات والتعامل معها بالشكل الصحيح في ظل الثورة الصناعية الثالثة ومسار التطور التكنولوجي الذي صنع مجالا تجاوز فيه الخيال للحقيقة.
على اعتبار أن القضايا الأمنية من أهم التحديات التي تواجه مختلف الدول فان تحديد المفاهيم المرتبطة بها هو أهم انجاز يمكن من خلاله تخفيف شدة التوترات التي يشهدها الوضع الدولي اليوم ويعتبر مفهوم المعضلة الأمنية من بين المفاهيم الجوهرية التي تم ربطها بظواهر النزاعات من العلاقات الدولية.
ومما لاشك فيه تعتبر الاستراتيجية ترجمة للعملية السياسية التي تلتزم بها الدولة في قطاع من القطاعات العامة، وتحتوي طبعا على أهداف ووسائل وأساليب عمل وفق إطار تنسيقي ومنسجم وبالتالي فالاسترانتيجية الدفاعية ترجمة للسياسة الدفاعية التي تعتمدها الدولة.
وعند الحديث عن السياسة الدفاعية يتبادر في الأذهان تنظيم القوات المسلحة وأسلحتها وأساليب قتالها، ولكن الدفاع عن بلد ما لا ينحصر في الشق العسكري في القتال فقط بل مؤسسات الدولة كافة لها دور فيه. إذ لكل منها دور أساسي في إعادة الوسائل وتحفيز المجتمع وتعبئة القوى الداخلية والخارجية لمساندة الجهد الدفاعي.
كما تعتبر السياسة الدفاعية نتيجة لترتيبات وسائل تعبئة قدرات أكثر من دولة، ذات الأشكال المختلفة (معاهدات، اتفاقيات، تنسيق، مؤتمرات، لجان ومجالس، تحالفات وتكتلات)، التي تهدف لمواجهة مصادر التهديد لبعد (أو عدة أبعاد) أمنية، تتم عدة إجراءات إنشائية لتكوين الشكل المطلوب لهذا البعد، والذي يبدأ في ممارسة مهامه في الدفاع ضد التهديد المدرك فور إنشائه، وهو ما يسمى "بالسياسات الدفاعية".
أما فكرة التعاون فكرة قديمة تمتد جذورها منذ ظهور الإنسان وإكتشافه حاجته لأخيه الإنسان الأمر الذي أدى إلى بروز الجماعة ثم الدولة، بل أن الشعور بالحاجة إمتد للدول التي أيقنت ضرورة تنظيم العلاقات فيما بينها خاصة بعد التطورات غير المسبوقة التي ظهرت بعد الحربين العالميتين وصوحبت بتطوير وسائل المواصلات وتقريب المسافات