Abstract:
لقد أصبحت التحديات التي تشهدها الساحة الدولة مسرحا للعديد من الأحداث التي تحول دون فهم الواقع الدولي بجميع خفاياه وخلفياته وتطوراته،وعلى اعتبار ذلك أصبحت الحياة السياسية للدول تتعدى التحديات التي اعتادت الشعوب على مواجهتها سواء على المستوى الداخلي أو المستوى الخارجي الذي أعطى طابعا مختلفا للعلاقات التي تنشأ بين هذه الشعوب وذلك بما يتوافق وطبيعة الأحداث الجارية.
ومما لاشك فيه أن هذه الأحداث كانت منعطفا أساسيا في تاريخ العلاقات الدولية ،وفي ظل هذه التغيرات أصبح حقل العلاقات الدولية مسرحا للعديد من التفاعلات فيما بين الدول،هذه التفاعلات تجسدها الممارسات الدولية من خلال السياسة الخارجية للدول والتي تتمثل في العمل الحكومي من أجل تحقيق المصالح الدولية والقومية للدول،مستخدمة في ذلك مجموعة من الأدوات والآليات في تنفيذ هذه السياسة وتجسيد كيانها خارج والإطار المكاني لهذه الدول.
فالسياسة الخارجية للدول أصبحت أهم القضايا المهمة والحساسة في العلاقات الدولية، ويعود ذلك إلى التطورات والتغيرات الحاصلة في هذا الحقل، بجكم اعتبار الدولة فاعلا أساسيا، وأهم وحدات التحليل الأساسية فلكل دولة سياستها الخارجية الخاصة بها، والتي بدورها لها محددات تحكمها بقوة ، كما أن لكل سياسية خارجية مبادئ تحكمها قد لا تتغير، وأبعاد جوهرية تحدد توجه السياسة الخارجية للدولة اتجاه المحيطين بها واتجاه الدول التي لتتواجد بها مصالحها.
تعتبر الدولة أحد الفواعل الرئيسية في العلاقات الدولية بالإضافة إلى فواعل أخرى، حيث تقوم بربط علاقات مع بعضها البعض، وتختلف طبيعة هذه العلاقة بين السلم والحرب والديبلوماسية، وهذه العلاقة هي عبارة عن مخرجات لعملية صنع القرار في السياسة الخارجية لأي دولة.
فالسياسة الخارجية تخضع لعدة اعتبارات ويستخدم في تنفيذها وسائل وأساليب متنوعة منها الصلب (الحرب والقوة العسكرية) ومنها اللينة والوسائل الثقافية (القوة الناعمة)، وذلك من أجل تحقيق أهدافها وغايات الدولة التي تعمل على تحقيقها.
يرجع اختلاف هذه الوسائل إلى طبيعة الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها وحسب إمكانياتها وقدراتها، فمن بين الوسائل التي تستعمل في ذلك القوة الناعمة حيث نجد بعض الدول تستخدم مثل هذه الوسيلة كالعامل الثقافي الذي أصبح أحد أهم الأدوات التي تعتمدها الدول في تنفيذ السياسة الخارجية لها، حيث أصبح هذا العامل في ظل العولمة وسيلة جد مؤثرة في تنفيذ السياسة الخارجية، خاصة من طرف الدول الكبرى التي تستخدم مختلف الوسائل خاصة في تعاملها مع الدول الضعيفة أو ما تعرف بدول الجنوب، حيث تدرس فرنسا كأهم مثال على ذلك.