Résumé:
الملخص:
مما تقدم بيانه في هذا الفصل يمكن استخلاص أن الشريعة الإسلامية احترمت الميت و أحاطته بسياج
من الحصانة و الحماية، غير انه قد يحدث في بعض الأحيان أفعال من بعض الناس، فيها إساءة شديدة للموتى
وقد يكون فيها إثم على من فعلها؛ لذلك جرمت الشريعة الإسلامية كل فعل من الممكن أن يؤدي إلى الاعتداء
على حرمة الميت، و أقرت للأفعال ارمة عقوبة تتراوح بين الحد و التعزير، فبينت انه تطبق عقوبة الحد
على كل من تسول له نفسه أن يقوم بوطء ميتة، أو أن يقوم بقذف الأموات، كما أقرت الشريعة الإسلامية
عقوبات تعزيرية لكل من يقوم بسب الموتى أو يمثل بجثثهم أو يترع احد أعضائهم دون سبب شرعي.
لم تقتصر الحماية الجنائية للموتى على الشريعة الإسلامية، و إنما تم النص عليا أيضا في القوانين
الوضعية، و منها قانون العقوبات الجزائري، مع تباين و اختلاف في الأفعال ارمة و مقدار العقوبة
ومن بين الأفعال ارمة التي تشكل اعتداء على حرمة الميت نجد: دفن الجثة أو إخراجها خفية أو دون ترخيص
أو العمل على تدنيس الجثة أو ارتكاب أعمال وحشية أو فيها فحش أو القيام بإخفاء الجثة، كما يعتبر معتديا
على الميت كل من يقوم بجمع مواد منه، دون التقيد بالشروط الواردة في قانون الصحة، وأقر المشرع الجزائري
لكل فعل من الأفعال سابقة الذكر عقوبات، تتلخص معظمها في أا عقوبات جنحية مع وجود عقوبات
خاصة بالجنايات و عقوبات خاصة بالمخالفات، وتطبق العقوبة على كل من يرتكب الأفعال سابقة الذكر
سواء كان شخص طبيعي أو معنوي.
ومما سبق ذكره، نجد أن الشريعة الإسلامية أشمل من القانون الجزائري في مجال التجريم، فالأفعال
ارمة في القانون الجزائري غير محددة تحديد دقيق، مما يؤدي ذلك إلى توسيع دائرة الاام في بعض الأحيان وفي
بعض الأحيان الأخرى قد يفلت الجاني من العقاب،كما أن العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية تؤدي
الغرض منها، ألا وهو الزجر على خلاف العقوبات المقررة في القانون التي لا تؤدي الغرض منها فلا يرتدع
منها أحد، و الدليل على ذلك الزيادة الملحوظة في الجرائم التي تمثل اعتداء على حرمة الميت
مما تقدم في هذا الفصل يمكن استخلاص أن المقابر لها حرمتها في الدين الإسلامي، لذلك فقد أقرت
الشريعة الإسلامية لمنتهك هذه الحرمة عقوبات تتراوح بين الحد و التعزير، ومن بين ما جرمته الشريعة
الإسلامية نبش القبور فاعتبرت نباش القبور سارقا، و أقرت له عقوبة حدية وهي القطع، كما اعتبرت الشريعة
بناء المساجد على القبور و الذبح عندها انتهاك لحرمة المقابر، تمثل وسيلة للشرك بالله عز وجل وقد شددت
العقوبة على مرتكبها سدا للذريعة المفضية للشرك بالله عز وجل و حفاظا لحرمة القبور من البدع، مع
أن العقوبات المقررة لها هي عقوبات تعزيرية.
ساير القانون الجزائري الشريعة الإسلامية عندما قام بتجريم بعض الأفعال التي تؤدي إلى انتهاك حرمة
المقابر، مع انه لم يحدد أفعالا بعينها إلا في بعض الصور، فجرم أي فعل ينتهك حرمة مدفن أو حرمة الموتى
في المقابر أو غيرها من أماكن الدفن، كما جرم كل فعل يؤدي إلى تدنيس أو تخريب أو هدم المقابر أو أماكن
الدفن، وعاقب على كل هذه الأفعال بعقوبة الجنحة البسيطة، غير أنه تشدد في العقوبة عندما تعلق الأمر بمقابر
الشهداء لما لهم من مكانة كبيرة، فجرم كل فعل يؤدي إلى تدنيس هذه المقابر أو تخريبها أو حرقها أو إتلافها
وعاقب عليها بعقوبة جنحة مشددة.
مهما كانت درجة التجريم في القانون يبقى دائما هناك اختلاف بينه و بين الشريعة الإسلامية حيث
أن أهم الأفعال ارمة في الشريعة الإسلامية، مباحة في القانون الجزائري ومن ذلك بناء المساجد
على القبور، فهي تعتبر من الكبائر في الإسلام إذا كان الغرض منها الاستغاثة بالميت، غير أن القانون الجزائري
لا يجرم ذلك، بل و أكثر من ذلك فإن بناء المساجد على القبور يعتبر من القربات و الطاعات عند الجزائريين.