Résumé:
أدت أحــداث الحرب العالمــية الثانــية إلى تبلور الوعي القومي لدى الحركــة الوطنــية الجزائريــة، وهو ما اعتبرته الادارة الاستعمارية تطورا خطيرا من حيث الموقف المستجد
تعد الفترة الممتدة بين (1945-1954) الأكثر ثراءا من حيث الأحداث والتطورات السياسية في تاريخ الحركة الوطنية بعد مجازر 8 ماي 1945، فحلت فرنسا حركة أحـباب البيـان والحرية في 14 مـاي 1945، وما أفرزته من إيديولوجيات وقناعات جديدة لدى أغلب التشكيلات السياسية التي اقتنعت بضرورة تبني أسلوب ووسائل كفاح جديدة ورفع سقف المطالب السياسية أمام تعنت الإدارة الاستعمارية وإصرارها على القمع السياسي تجاه الأحزاب والتنظيمات الوطنية، واللجوء إلى سياسة الكيل بمكيالين خاصة بعد صدور قانون العفو العام في 16 مارس 1946.
هذا الأخير عدّ فرصة ومتنفسا للزعماء الوطنيين لتغيير نهجهم وتوجهاتهم بهدف إعادة ترتيب أحزابهم والظهور في تشكيلات سياسية جديدة في محاولة لإعادة بناء الحركة الوطنية وتكييف مطالبها مع سياسة الإدارة الاستعمارية المتصلبة، وعلى هذا فقد شهدت الحركة الوطنية مرحلة هامة وتاريخية خلال فترة 1945-1954م تبلورت من خلالها مطالبها وتعالى سقفها وتغيرت الكثير من قناعتها وأمالها تجاه السلطات الفرنسية، وتطورت في أحزاب سياسية وبمطالب وطموحات كبيرة تنتهي أغلبها بتحقيق مطلب الاستقلال.
إن تأسيس المنظمة الخاصة ونشاطاتها بين 1947-1950م كان له بالغ الأثر في تجسيد هذا التبلور والتغير من الكفاح السياسي إلى التحضير لمحاولة القيام بالعمل العسكري الذي أصبح أمرا لابد منه في ظل عدم تحقيق الأهداف بالكفاح السياسي وبعد تجسد فكرة أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
وقد زاد تشكيل هذه الفكرة تأزم الوضع داخل حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية بعد اكتشاف المنظمة الخاصة سنة 1950 وانقسام أعضاءه إلى أجنحة متصارعة بين مصاليين ومركزيين من خلال اختلاف الطرح فيما يتعلق بالذهاب إلى العمل المسلح أو عدمه مما أدى إلى ظهور تيار محاولا التوفيق بينهم وهو اللجنة الثورية للوحدة والعمل، التي فشلت في هذا المسعى فقامت بحل نفسها حتى لا تتحول إلى طرف ثالث في النزاع.
وقد وضعت مجموعة 22 سنة 1954 الأسس الرئيسية لنواة تفجير الثورة من خلال الدعوة إلى إلغاء كل الايديولوجيات السياسية والانضواء ضمن الإطار السياسي للثورة وهو جبهة التحرير الوطني، والإطار العسكري وهو جيش التحرير الوطني لاستقطاب كل التيارات المختلفة المشارب والتوجهات.