Résumé:
الملخص:
إن من الظواهر المتفشية في عصرنا الحالي وفي كل المجتمعات تقريبا ظاهرة
التجمهر لذا كانت الحاجة ملحة للتعرف أكثر عنها، ولذا خصصت هذه الد ا رسة للتعرف
على جريمة التجمهر وأسبابها وما ينجر عنها من مخاطر، وعن نظرة المشرع التجريمية
والعقابية لمثل هذه الج ا رئم ، وذلك من خلال التطرق إلى جريمة التجمهر من الجانبين
المفاهيمي من حيث التعرف على التجمهر وتمييزه عما شابهه من مصطلحات الج ا رئم
الأخرى، ومن الجانب القانوني من خلال التطرق إلى النصوص القانونية التي جرمت هذه
الجريمة وعاقبت عليها.
فمن خلال هذه الد ا رسة خلصنا إلى أن التجمهر عبارة عن تجمع لجمهور من الناس
في مكان عام أو طريق عمومي سواء أكان مسلح أو غير مسلح بحيث يشكل هذا
التجمهر خط ا ر على النظام العام، كما أن هذا التجمع لا يتفرق بعد إنذاره من طرف
السلطات العامة المختصة بالتفريق. بهذا التعريف قد تتسلل في أذهاننا كلمة التمرد
والعصيان أو المظاهرة، إلا أنه في الواقع المصطلحات مختلفة، ففي حين يشكل التجمهر
جنحة ضد حق الدولة في الهدوء العمومي، ويكون مسلح أو غير مسلح، فإن التمرد
يشكل جناية ضد أمن الدولة وسيادتها ويكون دائما مسلح، أما المظاهرة فتكون سلمية
ومرخص بها، غير مسلحة، ولا تعرقل الهدوء العمومي.
كما أن التجمهر باعتباره فعل مجرم فهو يقوم على أركان، ركن شرعي يتمثل في
النص القانوني المجرم له، وركن مفترض يكون باجتماع مجموعة من الأشخاص في
مكان واحد وذلك لتحقيق التجمهر، وركن مادي يتوفر بتجمع الأشخاص في مكان عام أو
طريق عمومي وألا يتفرقوا بالرغم من إنذار السلطات العامة، وركن معنوي يتمثل في علم
المتجمهر واد ا ركه لما يقوم به، واتجاه نيته إلى إتيان سلوك التجمهر.
فمن خلال هذه الأركان يتضح أنه لقيام التجمهر يجب توافر شرطين: أولهما أن يتم
التجمهر في الطريق العام الذي يكون مخصص لمرور الناس دون إذن ولا مساءلة، أو
في المكان العام الذي يكون مخصص لاستقبال الجمهور، وثانيهما أن لا يتم التفرق بعد
الإنذار، فالجريمة تقوم بعد الإنذار و بعد إظهار الفرد لعدم طاعته للأوامر الموجهة إليه.
وخلصنا كذلك أن لقيام التجمهر أسباب قد تكون اجتماعية كالمطالبة بمناصب
عمل وكن ا زعات العمال المعبرة عن موجة غضبهم، وقد تمس وحداتنا الإنتاجية ومؤسساتنا
الاقتصادية، وهي الن ا زعات الحاصلة بين العمال ورب العمل للمطالبة بتحسين ظروف
العمل. كما أن للتجمهر أخطار، إذ يشكل خط ا ر على الاستق ا رر السياسي والاجتماعي
والاقتصادي للمجتمع ويهدد سكينته وهدوءه، ويخل بالنظام العام للدولة، من خلال
الأعمال التخريبية التي تنتج عن التجمه ا رت، كما يمكن أن ينجر عنه العصيان المدني.
هناك العديد ممن يخلط بين التجمهر وبين التجمعات الأخرى لذا كان علينا إ ا زلة
الغموض واللبس بينهم فميزنا بين الاجتماع والتجمهر بأن الاجتماع لا يكون في الطريق
العمومي وانما يكون في مكان مغلق، ويكون القصد منه تبادل الأفكار بطرق سلمية،
ويكون في وقت محدد للمحافظة على الهدوء، ويكون مسبوق بتصريح يتضمن مجموعة
من البيانات، و يتم التصريح به قبل انعقاده، وبالتالي فالاجتماعات العامة محمية شرعيا،
أما التجمهر فهو محظور قانونا، والاجتماع منظم عكس التجمهر الذي يفتقد التنظيم
والمناقشة وتبادل الآ ا رء.
إلا أنه قد ينقلب الاجتماع إلى تجمهر عند عدم احت ا رم شروطه.ويتشابه التجمهر مع
المظاهرة في أن كلاهما يجرى في الطريق العمومي، إلا أن المظاه ا رت تكون بترخيص
مسبق، وسلمية،إلا أنه في حالة عدم الت ا زم المنظمين بالشروط، أو تمس المظاهرة برموز
الثورة أو بالنظام العام، يخضعون لأحكام ج ا زئية ويتم تفريقهم بالقوة مثل التجمهر,أما
الحشد فيكون بتجمع الأشخاص في أماكن عامة أو خاصة وبصورة تلقائية ودون سابق
اتفاق في المكان والزمان والحشد العدواني هو المجرم.
وبتطرقنا إلى الإطار القانوني للتجمهر خلصنا إلى أن لجريمة التجمهر صور تتمثل
في التجمهر المسلح ويكون إذا كان أحد المتجمهرين أو بعضهم يحمل سلاحا، والتجمهر
غير المسلح والذي من شأنه الإخلال بالنظام العام، وجريمة المساهمة في التجمهر والتي
بينتها المادة 67 من ق عوالتي تقوم باشت ا رك الجاني في التجمهر، وجريمة حمل السلاح
في التجمهر التي نصت عليها المادة 60 ، والتي تتمثل في قيام الجاني بالتجمهر وهو
يحمل سلاحا ظاه ا ر أو مخبأ، وجريمة التحريض على التجمهر التي بينتها المادة
بقيام الجاني بالتحريض المباشر سواء أحدث أثره أم لم يحدث. بالإضافة إلى ج ا رئم
أخرى يمكن أن ترتكب أثناء التجمهر كالسرقة والضرب نص عليها المشرع في المادة
1/181 لكي لا يفلت أحد من العقاب ويخضعها للمبادئ العامة لكل جريمة على حدى,
كما رصد المشرع الج ا زئري لكل صور من صور التجمهر عقوبة على حسب
السلوك الإج ا رمي لها، فنجد العقوبات الأصلية تت ا روح بين الشهرين والخمس سنوات
بالإضافة إلى الغ ا رمة التي تت ا روح بين 28.888 و 188.888 دج، وعقوبات تكميلية
جوازية أحيانا. مما جعل جريمة التجمهر تكيف على أساس جنحة بسيطة.
كما خلصنا أنه قبل لجوء القوة العمومية لاستعمال القوة هناك إج ا رءات يجب إتباعها
للتعامل مع المتجمهرين، فتأتي السلطات المدنية في الصدارة بالطلب من المتجمهرين
التفرق، باستعمال مكب ا رت الصوت وبكلمة باسم القانون تفرقوا، لثلاث م ا رت، وفي حالة
رفضهم التفرق تعطي أوامر للسلطات العمومية التي تتدخل باستعمال القوة لتفريق
المتجمهرين وذلك عملا بالمادة 67 من ق ع، وتستعمل القوة ضد المتجمهرين في حالة
ما إذا تعرضت القوة العمومية لأعمال عنف أو اعتداء مادي، أو في حالة استم ا رر
المتجمهرين بعد إنذارهم بالتفرق. على أن لا تكون القوة العمومية هي البادئة باستعمال
القوة وأن لا يستعملوا السلاح إلا للضرورة الملحة.