Résumé:
إن المنظور الوظيفي للغة والجملة باعتبارها الموضوع الأساسي للدراسة اللغوية بقدر ما يواكبه صعوبة وتنوع وحداثة مصطلحاتها، إلا أنه يحاكي واقع اللغة كما نستخدم ونفهم اعتماد القاموس باعتباره الأول والأهم. نقطة الانطلاق الرئيسية في تحليل الجملة وبيان عناصرها والعلاقات بينها والقواعد التي تحكم هذه العلاقات وربطها بسياقات استخدامها، تجعل النتائج المتحصل عليها أكثر واقعية ومقبولة بعيدا عن الفرضيات التي كانت منذ فترة طويلة في حالة اضطراب مع كتب اللغة.
إن اعتماد مستويات التحليل الثلاثة بإضافة المستوى التداولي إلى المستويين الدلالي والبنيوي له أهمية كبيرة في تحليل الجملة اللغوية، وإن كان القدماء لم يغفلوا عن هذا البعد الوظيفي إلا أنه لم ينضج في الشكل من مفاهيم وجهاز له مصطلحاته كما هو الحال في نظرية النحو الوظيفي، ومن ثم نجد أن النظرية الوظيفية قد ساعدت على تقديم هذه الإضافة المثمرة في تقديرنا والمهمة في أنها لا تتوقف عند حد البنية، بل يربطها بوظيفتها ثم يعيد بريقها من حيث أنه يتجاوز مجرد الوصف الظاهري للتحليل المتعمق الذي يستكشف أعماق العبارة وأصلها وكيفية تركيبها وبنيتها.
وتشكل الجملة القرآنية أرضا خصبة لتوظيف وتمثيل كلمات الدرسين النحويين الوظيفيين، مما يؤكد الطابع الإنساني للغة العربية ووسعها الذي لا يحده زمان ولا ينتهي في أي مكان.
يختلف تركيب الجملة في النحو الوظيفي عما نعرفه في النحو العربي من حيث الأسماء فقط، فإذا كانت الجملة في النحو العربي تتكون من: فعل وفاعل ومفعول وفضيلة، أطلق سيمون ديك على عناصر تكوين الجملة: المحمول مقابل الفعل وحدود الفاعل مقابل الفاعل والمفعول به وحدود اللواحق مقابل الهدر. وهذا يؤكد التقارب بين اللغات الطبيعية من جهة وإمكانية التفاعل والرد على درس النحو عند القدماء مع النظرية الغربية المعاصرة الجديدة.
