Résumé:
: تمكنت الإدارة الاستعمارية الفرنسية منذ بداية احتلالها للجزائر سنة 1830م إلى 1900م من بسط سيطرتها على الأوقاف الإسلامية بإتباع مختلف الطرق والأساليب في سبيل القضاء عليها بصفة نهائية، وكان أول ما بدر منها سنة 1830م مصادرة أوقاف الحرمين الشريفين بدعوى أنها تنفق على أجانب خارج البلاد، أما أوقاف سبل الخيرات والإنكشارية فتم الاستيلاء عليها وجمعها إلى مصلحة أملاك الدولة بعد أن رحل أصحابها بالقوة، وقامت بإخضاع الأوقاف لرقابتها وتسييرها بعد اتهامها للوكلاء بعمليات الاختلاس، وضمت مداخيل ونفقات الأوقاف الإسلامية للميزانية الاستعمارية، وتمكنت من تصفية أوقاف الجامع الأعظم سنة 1843م، وضمت مختلف الأوقاف الريفية الخاصة بالزوايا والأضرحة سنة1848م، وهكذا حلت الدولة الفرنسية محل الأوقاف الإسلامية في إدارة أملاكها وجمع مداخيلها وتوزيع نفقاتها وتوظيف وكلاءها، كما أنها تمكنت من مصادرة الأملاك الوقفية التي ليس لها عقود وسندات تثبت ملكيتها بموجب أمريتي 1844 و1846م فقامت بتحويلها إلى أملاك الدولة بحجة أنها دون مالك، ونزعت الأملاك الوقفية من أصحابها بحجة المصلحة العامة بدعوى توسيع الشوارع وفتح الطرقات أو لإنشاء مراكز استيطانية، وتمكنت من القضاء على النظام الإداري للأوقاف واستبداله بمكتب المساعدات الخيرية، وأصبحت الإدارة الاستعمارية تتمتع بحرية التصرف في الأوقاف المصادرة عن طريق إيجارها وبيعها بالمزاد العلني، وعملت على رفع المناعة والحصانة على الأوقاف بطرق قانونية، وهكذا تم إخضاعها لقوانين الملكية العقارية المطبقة في فرنسا وأدخلت في نطاق التعامل التجاري مما سمح للمستوطنين الأوربيين بامتلاكها، ولم تكتف بذلك فقد عملت على عرقلة المؤسسات الوقفية المتبقية عن تأدية خدماتها وتصفيتها لخدمة أغراضها الاستعمارية، وبالتالي هدمت البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الجزائري.