Résumé:
تعكف هذه الدراسة الى الإجابة عن تساؤلات بحثية ومنهجية متعلقة بالأساس بقضية المحددات الاجتماعية لتشكل الجماعات الاجرامية، والتي تنطلق من الخصائص السوسيواثنوغرافية لجماعات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية داخل ولاية تبسة، هذه الدراسة تهدف لتعرف على المحددات من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، والدوافع وراء انخراط الأفراد في هذه الجماعات، بالإضافة إلى دراسة الهيكل التنظيمي وأساليب العمل المتبعة من قبل هذه الجماعات، اعتمدت الدراسة على المنهجية النوعية من خلال الدراسة السوسيو-إثنوغرافية، التي تركز على دراسة الظواهر الاجتماعية والثقافية لأفراد المجموعة في بيئتهم الطبيعية من خلال الملاحظة والمقابلات ، واختير مجتمع الدراسة المتمثل في أفراد من جماعات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية في ولاية تبسة، نظراً لارتفاع معدلات انتشار هذه الظاهرة في منطقة محل الدراسة، وبلغ حجم العينة 30 مفردة من المنتمين لهذه الجماعات ، رغم صغر حجمها إلا أنها كافية نظرًا لطبيعة الظاهرة المدروسة وتوفر المعلومات النوعية اللازمة.
إن جماعات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية داخل ولاية تبسة تمثل ظاهرة اجتماعية معقدة ناتجة عن تداخل العديد من العوامل والمحددات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتاريخية، فهذه الجماعات لا يمكن فهمها أو تحليلها بمعزل عن السياق الاجتماعي والتاريخي الأشمل الذي نشأت وتطورت فيه، حيث ترتبط بمنظومة من العلاقات السببية مع مجمل الظواهر الاجتماعية الأخرى مثل الفقر والبطالة وتدني المستوى المعيشي وانتشار ثقافات فرعية منحرفة، بالإضافة إلى تأثر هذه الجماعات بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المستويين المحلي والعالمي، لذلك، تأخذ هذه الدراسة في الاعتبار البعد التاريخي الاجتماعي الديناميكي المكوّن للمرجعيات والمنطلقات الفردية والمعيارية والأخلاقية لدى أفراد وجماعات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية ، بمعنى آخر، تحاول الدراسة ربط ظاهرة انتشار هذه الجماعات الإجرامية بتطور البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع محل الدراسة عبر الزمن، وكيف أسهم ذلك في تشكيل اتجاهات وقيم وممارسات ثقافية منحرفة لدى هذه الفئات، إلى جانب دوافع واحتياجات أخرى دفعت للانخراط في مثل هذه النشاطات غير المشروعة.
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج الهامة حول جماعات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية في ولاية تبسة، من أبرزها أن غالبية أفراد هذه الجماعات هم من الفئة العمرية الشابة بين 23 و39 عاما، وأن غالبيتهم من الفئة العزاب، وهناك هيمنة كبيرة للذكور، كما تبين أن التسرب المدرسي والفشل الأكاديمي وغياب الاستقرار الأسري بسبب ظروف اقتصادية صعبة، بالإضافة إلى تأثير جماعات الرفاق غير السوية والحي السكني، كان لها الدور الكبير في دفع الشباب نحو الانضمام لهذه الجماعات بالإضافة الى البحث عن الاحترام والرغبة في الثراء ،كما لعبت الظروف الاقتصادية السيئة مثل الفقر وتدني مستوى المعيشة دورا محوريا، إلى جانب ذلك، أسهمت العوامل الثقافية من عادات وتقاليد وأعراف وقيم اجتماعية في تماسك واستمرار هذه الجماعات، هذا بالإضافة إلى تطويرها لغة مشفرة خاصة، وضعف الوازع الديني لدى أغلب المنتمين لهذه الجماعات، ووجود بنية تنظيمية معقدة تحكمها، مع وجود بعض مظاهر الهشاشة فيها، كما توصلت الدراسة إلى وجود علاقة بين التغيرات الثقافية ونشاط هذه الجماعات، ودور وسائل الإعلام في نشر الثقافة الإجرامية المرتبطة بها.
