Résumé:
تقوم على العناية بأهم عناصر العملية الخطابية والتي تهتم بدورها بالخطاب –أي باللغة- والتي تعنى بها التداولية أثناء استعمالاتها المختلفة مع مراعاة المقاصد والغرض من ورائها.
- دور علوم البلاغة في أغلب تعاريف البلاغيين القدامى يقوم على الإفادة والإفهام والتبليغ وعلى التأثير في المتلقي وعلى المقام الذي ورد فيه الخطاب ، كما تبيّنت لنا أنّ الصور البلاغية ليست مجرد صور للتنميق والزخرفة وتزيين الخطاب والشعر بل أداة لإنجاز أفعال وتحسين حالة المخاطب وإذعانه والتأثير فيه.
- يضم كتاب "العمدة" آليات بلاغية عديدة تتباين فيما بينها لكنها تصب وتؤول إلى بنية خطابية واحدة تقوم على التركيب والدلالة والتداول.
- كشف لنا البحث عن احتواء التراث اللغوي العربي على آليات وأفكار تداولية منها اعتماد ابن رشيق على الأبعاد اللغوية كالحجاج في طيات كتابه سواء بطريقة مباشرة أو ضمنية نستدرجها من خلال البحث والفحص، وكذلك نظرية الأفعال الكلامية التي ظهرت في أغراض الشعر المختلفة وهي بؤرة المنهج التداولي.
- تجلّي الحجاج بصورة واضحة قوية في كتاب "العمدة" وكأن الكتاب جاء حجة دامغة دفاعا عن الشعر والشعراء وعمن يكره الشعر وحتى دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم. كما ظهر جليا في علم البيان وصور المتعددة وفي علم البديع ودعمابن رشيق وتوجيهه للشاعر باعتماده الأساليب البلاغية لإفادة المتلقي والتأثير فيه وإقناعه بالطرق المختلفة.
- غاية الحجاج الأساسية هي التأثير والإقناع والإفهام بهدف نجاح العملية التخاطبية.
- اهتمام ابن رشيق بعملية القصد والإفادة، وتوجيه الشاعر إلى الاهتمام بهما وإدراجهما في شعره بغرض إيصال شعره إلى ذهن السامع وتقبله والتأثير فيه.
- عرض وتقديم ابن رشيق للكثير من الأساليب كالإيجاز والتقديم والتأخير، الحذف المساواة، اعتدال الوزن والاكتفاء لأنها تحمل المتلقي على الاقتناع في جميع المعاني الممكنة، كما تعرض للإطناب للتدرج في إقناع المخاطب بمعاني الشعر والخطاب.
- اهتمام ابن رشيق بأسلوب الإيجاز والاتساع والتقسيم وغيرها والتي تعتمد قاعدة الكم والكيف (الأسلوب) عند بول غرايس في مبدأ التعاون والتي تساعد على نجاح العملية التخاطبية.
- يقوم فكر ابن رشيق على مبدأ القصد والإفادة ومراعاة ذهن السامع وحالاته المختلفة ومقتضى الحال (المقام).
- تقابل نظرية أفعال الكلام الإنجازية أغراض الشعر عند ابن رشيق من مدح ووعد وافتخار ووصف وهجاء واقتضاء وغيرها، وقد حث الشاعر على مراعاة مقامات الشعر والفئة التي تقدم لها الشعر كل حسب رتبته ودرجته ومقامه والبيئة التي يعيش فيها.
- عبارة "لكل مقام مقال" التي اهتم بها ابن رشيق وأدرجها في باب من أبواب كتابه تؤكد من خلالها طريقة تحليله وتبين دور السياق بنوعيه المقالي والمقامي في تحديد الوظيفة الاجتماعية للغة التي يؤديها الكلام.
- تندرج المظاهر التداولية وتتحقق في فكر ابن رشيق في كتابه "العمدة" بعمق، فربطه بين بنية الشعر الخطاب من جهة وبين أغراضه وملابساته من جهة ثانية على أنها كل متكامل وجزء لا يتجزأ من بعضها البعض.
ومن أهم التوصيات التي خرج بها هذا البحث ما يلي:
- تطبيق الدراسة الحالية على أغراض الشعر الجاهلي المختلفة دراسة تداولية.
- دراسة الاستراتيجيات الحجاجية التداولية على كتب النقد العربي كما يحتويه من آراء وحجج دامغة سواء ما تعلق بالشعر أو بالنثر.
- استثمار الرؤية التداولية من خلال تطبيقها على نصوص أدبية متنوعة، شعرية ونثرية.
- تطبيق دراسة النظرية التداولية على القرآن الكريم وذلك لأنه مصدر ضخم يحتاج إلى دراسة واعية متعمقة وواسعة لما يحتويه من أساليب بلاغية ونحوية متباينة.
- كشف الآليات والابعاد التداولية في خطابات دينية سواء في العصر الجاهلي أو العباسي.
يمكن القول في الختام أنّ القدماء سواء أكانوا أصوليين أم نحويين أم بلاغيين أم نقادا قد خلفوا إرثا معرفيا ثريا، كشف لنا عن وعي عميق بدور الظواهر اللغوية الاجتماعية والثقافية وإدراكهم لخلفيات معرفية وسياقية لأطراف العملية التواصلية، وهي معطيات تداولية بالدرجة الأولى، واهتمامها البالغ بالمقاصد ومقامات وأغراض الخطاب المختلفة، مما يسمح بإعطاء الدرس التراثي العربي مقومات تداولية في العديد من جوانبه إذ يساعد على الكشف والتعرف على العديد من أوجه التميز والتفرد في الدراسة والبحث بإضافة إلى ذلك يشجع الباحثين على السعي وراء التراث لكشف كل الأبعاد اللسانية الحديثة، والمقاربة بينهما ومد الجسر المعرفي بين الثقافتين لجعلها في قالب واحد متميز وثري.