تفريد العقاب وأثره على الجزاء الجنائي

Abstract

هذه الدراسة من المواضيع المستجدة في السياسة العقابية الحديثة، حيث أننا نقصد بتفريد العقاب اختلاف العقوبة بإختلاف ظروف الجاني و أحواله وطبيعته الشخصية و ذلك من أجل اصلاحه و إعادة ادماجه في المجتمع . و نبرز بايجاز الثلاث انواع المهمة التي تجسد دور التفريد العقابي : بداية بالتفريد التشريعي الذي من خلاله المشرع يضع مسبقا تدرجات متعددة في السلم العقابي تختلف حسب ظروف و أحوال كل جريمة، اذ ليس بمقدور المشرع ان يحدد سلفا العقوبة المناسبة لكل مجرم، فكل ما يستطيعهتفريد العقاب في نطاق محصور بحيث يتسم عمله بطابع التجريد والإجمال، وذلك تطبيقا لمبدأ الشرعية العقابية التي بمقتضاها أنه لا عقوبة إلا بنص. في حين أن التفريد القضائي الصادر عن القاضي عندما يهم بإصدار حكم بالإدانة يقوم على أساس ان المرحلة الحقيقية لتجسيد التفريد هي مرحلة النطق بالحكم، وعليه الأخذ بعين الإعتبار ظروف وشخصية الجاني اضافة الى نوع وجسامة الجريمة المرتكبة وخول له المشرع السلطة في ذلك، اي ان للقاضي سلطة تقديرية واسعة في إختيار نوع العقوبة وتدرجها ضمن النطاق المحدد لعقوبة كل جريمة على حدى، كما ان له سلطة إستثنائية تسمح له بتجاوز النطاق المحدد في تشديد وتخفيف العقوبة. أما بالنسبة للتفريد التنفيذي للعقوبة الذي يتمثل في منح الإدارة المختصة بتنفيذ العقوبة السلطة اللازمة لتحديد المعاملة العقابية الملائمة لإصلاح كل محكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية وذلك طبقا لما تفرضه إجراءات التصنيف وفي ضوء ما يبدو من سلوكه خلال فترة التنفيذ، اذ تعتبر مرحلة التفريد التنفيذي للعقوبة مرحلة تجسيد للعقوبة بأرض الواقع، وإن إهمال هذه المرحلة يجعل من التفريد التشريعي والتفريد القضائي مجرد حبر على ورق.