Afficher la notice abrégée
dc.contributor.author |
مسعي, حليمة |
|
dc.date.accessioned |
2022-03-16T09:44:03Z |
|
dc.date.available |
2022-03-16T09:44:03Z |
|
dc.date.issued |
2021 |
|
dc.identifier.citation |
جامعة العربي التبسي تبسة |
en_US |
dc.identifier.uri |
http//localhost:8080/jspui/handle/123456789/2144 |
|
dc.description.abstract |
إنّ الحديث عن موضوع التفكير التداولي عند العلماء العرب وبالأخص عند ابن رشيق القيرواني يبيّن لنا الفكر العميق والمتأصل لدراسة اللسانيات التداولية وآلياتها المتعدّدة ،ويثبت لنا ما قدمه لنا من اقتدار واضطلاع في دراساتهم وبحوثهم، بقدر ما نحاول كشفه من ملابسات وأسرار هذا التميز والتفوق الحاصل في معالجة الظواهر اللغوية مقارنة بالنظر للدراسات المعاصرة ومناهجها البحثية في الوصف والتحليل.
ومن هذه الدراسات المعاصرة نجد اللسانيات التي تمثل حقلا واسعا من حقول المعرفة الإنسانية ،وازدهارها أسهم في ظهور العديد من التخصصات الجديدة التي جعلت للغة وظائف متعددة واستعمالات مختلفة، ومن هذه المجالات والتخصصات المعرفية: لسانيات النص واللسانيات الوظيفية والتداولية والعرفانية.
واللسانيات التداولية تسعى لدراسة اللغة أثناء الاستعمال في مقامات متباينة، بحسب مقاصد وأغراض المتكلمين، كما تعنى بالاهتمام بأقطاب العملية التواصلية فتهتم بالمتكلم ومقاصده والفائدة من خطابه والأساليب والآليات التي يعتمدها في العملية التخاطبية، كما تراعي أحوال السامعين وظروفهم ومقاماتهم المختلفة، والظروف المحيطة بهم، وذلك لنجاعة العملية التواصلية، ولعلّ هذا ما جعلها تتقاطع مع التراث العربي القديم وبخاصة الدراسات البلاغية، فالمتطلع عليها يجدها تهتم بدراسة مختلف التعابير والوظائف اللغوية وتبحث في العلاقات القائمة بينها.
ونظرا للمكانة التي حظي بها التراث البلاغي، كانت الرغبة في الكشف عن الآليات والأبعاد التداولية فيه أكبر وبيان مدى تأثيرها لفكر علمائنا، فكان تركيزي على أحد أهم الكتب المصنفة في تراث البلاغيين والنقاد وهو كتاب "العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده" لابن رشيق القيرواني(390-456ه) محاولة البحث في مظاهر اللسانيات وأبعادها التداولية باعتبار أن هذا الكتاب يشمل العديد من الآليات البلاغية والعناصر التواصلية التي تهتم التداولية بدراستها والتعمق فيها.
إنّ الهدف من دراستنا هذه هو كونها تحاول الكشف عن أهم نقاط التقارب والتقاطع بين الرؤيتين التراثية والمعاصرة والكشف عن الأبعاد التداولية للتراث العربي القديم وعن أهم عناصر التداول والتواصل، وبالرغم من الاختلاف الابستيمولوجي بين الرؤيتين، حيث أنّ المجال التداولي متباين عن التراث العربي القديم وبخاصة في الدراسة و الآليات المعرفية، ومن هنا كان البحث بغرض الكشف عن الأدوات الإجرائية التراثية –التداولية والبلاغية- دون إهمال السياقات التي تحتضنها.
وكذا السعي الحثيث للكشف عن المقاربة التداولية مع التراث العربي وما يزخر به من معارف وآليات بلاغية، بالإضافة إلى التأسيس للبعد والفكر التداولي في بلاغة ابن رشيق ونقده، وإثبات أن العناصر التواصلية لم تكن المعطيات الوحيدة التي قدمها ابن رشيق واعتمد عليها في كتابه، حيث ركز على الشاعر وصفاته وآدابه والمرتكزات التي يجب أن يقوم عليه شعره واهتمامه بأحوال السامع ومقاماته.
كما تهدف الدراسة أيضا إلى إثبات وتأكيد أن ابن رشيق لم يكن صاحب نظرة تقليدية منغلقة إلى اللغة والشعر والبلاغة، بل إن هذه العلوم والنظريات سارت عنده وفق مبادئ الاتجاه التداولي وإجراءاته، ودليل ذلك اهتمامه بالشاعر وكلما يحيط به والدفاع عنه وعن السامع وعلاقة كل منهما، وبمحور الحديث وهو الشعر وحتى الخطاب قرآنا أو حديثا والظروف الحافة به، بالإضافة إلى ما يتركه الشعر والخطاب في نفس المخاطب وبالتالي اهتمامه بالمقام والقصدية بالدرجة الأولى.
وكذا اكتشافالطرح التداولي –بوصفه جانبا من جوانب التفكير البلاغي- عند ابن رشيق من خلال كشف وجوه التقاطع والالتقاء فيما بينها.
بالإضافة إلى الوقوف على نقاط الالتقاء بين الدرس التداولي والفكر العربي القديم (البلاغي خاصة).
فبالتاليالهدف من هذه الدراسة إذا يكمن في محاولة تأصيل الفكر اللغوي التراثي في عصر يعرف العديد من التغيرات اللسانية والمنهجية ويعجّ بالمعارف والمعلومات المختلفة.
ولقد سلكت الدراسة في مكوناتها وآلياتها وتحليلها إلى اعتماد المنهج التداولي الذي رأيته كفيلا بضبط عناصر البحث في صورة موضوعية مناسبة من خلال استقصاء الأبعاد التداولية من فكر ابن رشيق في كتابه العمدة، كما اعتمدت في ذلك إلى الاستعانة بالمنهج الوصفي، وذلك نظرا لطبيعة الموضوع الذي يقف على وصف الظواهر اللغوية والعناصر من سياق ولغة غيرها.
يبدو أن ابن رشيق في كتابه كان ناقدا ومفكرا حاملا رؤية مميزة، فهو يعرض لمجموعة من الآليات والمعطيات مع إبداء آرائه المتميزة ونقده لها نقدا بناء محكما، مع تأويله للشواهد، فضلا عن استشهاده بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشواهد الشعرية، والأمثال والأقوال المروية عن العرب، وبذلك كان سبب اختيار اللسانيات التداولية للتطبيق على فكر ابن رشيق أنه اهتم بالشعر والشعراء، أي باللغة والخطاب أثناء الاستعمال بوصفها ظاهرة خطابية تواصلية تحوي قوة إنجازية، مع تركيزه على الشعر وهو ما يصلح للتطبيق لأنه يحتوي العديد من الأغراض والأساليب والأدوات التي يستعملها الشاعر للدلالة على القوة الإنجازية التي يقص تضمنيها لشعره مثل: التقديم والتأخير والحذف والإيجاز والإطناب والمساواة والمقام، وغيرها ولاسيما عند البلاغيين مع تركيزه على علمي البيان والبديع، مع إضافة كل ما يلزم منهما من آليات موضحة ومساعدة، ولعل هذا ما يجعل منه نبعا صافيا للبحث عن أبعاد ومظاهر اللسانيات التداولية، وبيان مدى استيعاب فكر ابن رشيق للتقريب التداولي وتطبيقه في كتاب العمدة.
وهذه الدراسة انبعثت من جملة إشكالات شغلت فكري تفرعت عن إشكالية عامة وهي:
- ما الأبعاد التداولية التي يحويها كتاب العمدة لابن رشيق بعدّه كتابا يضم كثيرا من علوم البلاغة وعناصر التداول، ويحاول البحث في المعنى بجميع مستوياته؟
وتفرع عنها ما يلي:
- إلى أي مدى يمكن إبراز نهج ابن رشيقوطريقته في كتابه "العمدة" لدراسة المقاصد ومعاني الكلام والشعر؟ ما هو منهجابن رشيق في دراسته وتقديمه لعلوم البلاغة بحثا عن المعنى؟ وهل له ما يبرره في الدراسات اللسانية لاسيما اللسانيات التداولية؟
- هل ركز ابن رشيق في كتابه (العمدة) على عناصر التداول في البلاغة العربية؟ وهل التفت إلى دور المقام والسياق في العملية التواصلية؟
ركزّ ابن رشيق في كتابه "العمدة" على خاصية الحجاج بصورة واضحة وجلية، فهل يمكن انطلاقا من طريقة طرح ابن رشيق لهذه الآلية المهمة في علوم البلاغة أن يتبين النظرية الحديثة للحجاج في اللسانيات التداولية، كما ركز على أغراض الشعر ومقاصده التي يمكن من خلالها أن نعقد مقارنة بينها وبين نظرية الأفعال الكلامية ونظرية الاستلزام الحواري لبول غرايس؟ وما دور السياق والمقام في كل ذلك؟
ومن دواعي اختيار موضوع هذا البحث مايندرج تحت أسباب ذاتية وأخرى موضوعية فمن الذاتية نذكر:
- رغبتي الجامحة في الاطلاع على الدراسات التداولية والبلاغية عند ابن رشيق القيرواني.
- محاولة الكشف عن الجانب التداولي عند ابن رشيق باعتبار أغلب الدراسات حوله كانت نقدية وأدبية فحاولت التركيز على هذا الجانب.
- أهمية النظرية التداولية بالنسبة للدراسات الحديثة والبلاغة بالنسبة للدراسات القديمة فأردت كشف الرابط القوي ونقاط التشابه والاختلاف بينهما.
- وما زاد إقدامي على تناول هذا الموضوع من الناحية الموضوعية هو تنوير الجانب التداولي المظلم عند الناقد ابن رشيق القيرواني لأنّ جلّ الدراسات أغفلت هذاالجزء وركزّت على الجانب النقدي لديه.إلاّ أنّه هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى الناقد ابن رشيق في مجال النقد بصورة أوسع من الدراسة التداولية نذكر منها:- معايير الحكم النقدي عند ابن رشيق من خلال كتابه (العمدة) لسعودي نواري أبو زيد – تلقي خطاب ابن رشيق النقدي بين المشارقة والمغاربة للطالبة لعيب لويزة –تخصص لغة وأدب عربي (2019)، ومن الدراسات التي أشارت له من الجانب التداولي في أطروحة دكتوراه في اللسانيات للطالب واضح أحمد تحت عنوان: الخطاب التداولي في الموروث البلاغي العربي من القرن الثالث الهجري إلى القرن السابع الهجري ، ولكن كدراسة كاملة واضحة المعالم وبحث معمّق من الناحية التداولية لم ألحظ ذلك ولذلك حاولت أن أبيّن هذا الجانب وأزيل الغبار عليه.
واعتمدت في هذا البحث على بناء قوامه مقدمة مصحوبة بثلاثة فصول وخاتمة، أمّا الفصل الأول فهو معنون بـ: النظرية التداولية قراءة في الموضوع، المنهج والإجراء تضمن إطارا نظريا يقدم مفهوم التداولية وأهميتها وتعريفات الباحثين لها واختلافهم في ذلك باختلاف نظرتهم ودراساتهم للتداولية مفهوما ومنهجا، وكذا الأصول الفلسفية لنشأة اللسانيات التداولية وتطوراتها المتعاقبة التي مرت على العديد من الفلاسفة والعلماء اللغويين، وكذا تعرضت لأهم نظريات الدرس التداولي: كنظرية الأفعال الكلامية ومتضمنات القول والاستلزام الحواري والإشاريات والقصدية والحجاج، ثم يتناول موقع التداولية وعلاقته بالعلوم الأخرى المختلفة من أهمها: المناهج اللسانية، البلاغة، النحو الوظيفي والعلوم المختلفة كعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها، إذ تشارك هذه العلوم مع التداولية طريقة البحث عن المعنى اللغوي واستعمالاتها المختلفة ويتطرق البحث بعد ذلك إلى إظهار الأبعاد التداولية في الدراسات العربية القديمة كالقصدية والسياق والمقام والحجاج والاستلزام الحواري.
أمّا الفصل الثاني فوسمته بـ: عناصر التداول عند ابن رشيق فعرضت فيه نبذة عن حياة ابن رشيق القيرواني وأهم مؤلفاته، وكذا إلى مفهوم الشعر في التراث العربي وتعريفاته المتعددة، كما تعرضت لأهمية البلاغة العربية وعلاقتها بعناصر التواصل وكيفية مراعاتها لأحوال وأغراض أطراف العملية التواصلية، كما تناول الفصل جملة من التداوليات لعناصر الخطاب كتداولية المتكلم ومراعاته للأحوال المختلفة التي تحيط بعملية الخطاب والسامع، وكذا تداولية المخاطب في البلاغة العربية وعنايتها بالمقام والأساليب المختلفة، أضف إلى ذلك تعرضنا لثنائية اللفظ والمعنى وما يندرج ضمنها من اشتراك واستطراد وتخلص وخروج بالإضافة إلى أهم عنصر تهتم به البلاغة والتداولية معا هو الفعل التأثيري "الالتفات" وختم هذا الفصل بتداولية الخطاب في ذاته عند ابن رشيق.
أمّا الفصل الثالث فوسمته بالأبعاد التداولية عند ابن رشيق من خلال كتابه "العمدة"وقد تضمن آليات الحجاج البلاغية لعلمي البيان والبديع، وكذلك لنظرية الأفعال الكلامية والاستلزام الحواري وتجليها في فكر ودراسة ابن رشيق في كتابه.
ثم خاتمة للموضوع تضمنت أهم ما توصل إليه البحث من نتائج وما يدعو إليه من توصيات.
وقد اعتمدت في هذا البحث على جملة من المصادر والمراجع أهمها: التداولية عند العلماء العرب لمسعود صحراوي، آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر لمحمود أحمد نحلة، استراتيجيات الخطاب: مقاربة تداولية لعبد الهادي بن ظافر الشهري، الحجاج مفهومه ومجالاته لحافظ إسماعيل علوي وغيرها من الكتب الفذة والمتميزة.
وقد اعترتني صعوبات في سبيل إنجاز البحث أهمها:
- صعوبة البحث في اللسانيات كونها نظرية واسعة لمّا يكتمل بناؤها بعد واحتضنت العديد من المصطلحات والمفاهيم المختلفة مما صعبت لنا الرؤية الواضحة في تحديد التعريفات والمصطلحات وضبطها، بيد أني تجاوزت ذلك بقدر المستطاع.
- صعوبة الإلمام والتطبيق واستقصاء الأبعاد التداولية على فكر ابن رشيق باعتباره ناقدا وشاعرا ومقدما للعديد من الشواهد الشعرية والأدلة القرآنية والحديث أكثر فيصعب علينا بذلك الإلمام بالجوانب التداولية في هذا الكتاب.
ولا يسعني إلا أن أتوجه بخالص الشكر والعرفان إلى الأستاذ الدكتور سهلي رشيد على توجيهاته وإرشاداته في هذا البحث، كما أتقدم بخالص الثناء والامتنان لأعضاء لجنة المناقشة التي أهلت الموضوع، ولا يفوتني أن أتقدم بخالص شكري وامتناني للدكتور محمد مباركي على إعانته ومساعدته وتقويماته في هذا البحث.
ونخلص في الختام بأنّ هذا البحث اهتم بتحقيق التقارب والتكامل بين التراث العربي وبين اللسانيات التداولية الحديثة، وتكمن أهميتها في الكشف عن التفكير التداولي وبخاصة لدى ابن رشيق القيرواني، وإثبات ضمه للعديد من التوجيهات والأفكار والآليات التداولية، ويتم هذا من خلال إسقاط النظرية الحجاجية والأفعال الكلامية، وحتى نظرية الاستلزام الحواري على ما يحتويه تراثنا اللغوي من أسس ومعارف منهجية قد أقامت لهذه النظرية، ولكنها تصب في قالب الاستعمال الفعلي للغة، وهذه الدراسة جاءت كمحاولة لتسليط الضوء على النظرية التداولية، وإظهار نقاط التقارب بينها وبين البلاغة العربية عند أحد أعلام اللغة والنقد وهو ابن رشيق القيرواني، ذلك أن التداولية تعنى بدراسة اللغة أثناء الاستعمال وتهتم بأقطاب العملية التواصلية، فتراعي المخاطب (الشاعر) ومقاصده وتراعي حالات المتلقي المختلفة أثناء الخطاب، كما تهتم بالخطاب ذاته وبالظروف والأحوال الخارجية للعملية التواصلية.
بناء على ما قدمه ابن رشيق في كتابه العمدة وما قدمت له النظرية التداولية الحديثة، جعلنا نكتشف العلاقة الوطيدة بين البلاغة العربية والتداولية، حيث نلاحظ تداخلا واضحا في الكثير من النقاط بينهما، فالبلاغة تبحث هي أيضا في أطراف العملية التواصلية من متكلم وسامع وخطاب (شعر) ومقامات ومقاصد وغيرها، وكذلك توظيفها للآليات الحجاجية في علمي البيان والبديع، وتجلي نظرية الأفعال الكلامية من خلال أغراض وأساليب الشعر المختلفة التي تعرض لها ابن رشيق في كتابه، وكذا كشف نظرية الاستلزام الحواري في علم البيان بخاصة في الصور البيانية (الكناية والمجاز والاستعارة وغيرها)، كل هذا ينم عن علاقة اللسانيات التداولية بالبلاغة العربية وبفكر ابن رشيق وعنايته الكاملة بعناصر التداول المختلفة، فقد كانت بلاغته بلاغة مقاصد وأحوال مع تفطنه وحثه على مبدأي القصد والإفادة في الخطاب والشعر، وهي من أبرز المبادئ التي تركز عليها النظرية التداولية، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن أصول هذه النظرية كانت حاضرة بقوة في مباحث أو فكر ابن رشيق.
فإنّ تناول التراث العربي إذا لدى ابن رشيق بمنظور تداولي حداثي يفتح لنا بابا آخر للتطلع إلى التراث الفسيح والضخم، ويوسع من آفاق رؤيتنا له ويساعدنا على كشف وفحص منهجيته وخصائصه المعتمدة.
وتوصل البحث إلى النتائج التالية:
- اللسانيات التداولية تعد المنطلق الأساس للعديد من النظريات والأبحاث العلمية اللسانية وغير اللسانية، وذلك لما تحتويه من نتائج منظمة ودقة في مناهجها وتحليلها المعمق للكثير من الدراسات، حيث تعنى وتهتم بالمعنى وتغيراته المختلفة وفق سياقات استعماله.
- علوم البلاغة عند ابن رشيق تحمل في طياتها بعدا تداوليا في العديد من أساليبها وآلياتها،كما تحمل العملية التواصلية هي أيضا أبعادا تداولية في صميمها، لأنها تقوم على العناية بأهم عناصر العملية الخطابية والتي تهتم بدورها بالخطاب –أي باللغة- والتي تعنى بها التداولية أثناء استعمالاتها المختلفة مع مراعاة المقاصد والغرض من ورائها.
- دور علوم البلاغة في أغلب تعاريف البلاغيين القدامى يقوم على الإفادة والإفهام والتبليغ وعلى التأثير في المتلقي وعلى المقام الذي ورد فيه الخطاب ، كما تبيّنت لنا أنّ الصور البلاغية ليست مجرد صور للتنميق والزخرفة وتزيين الخطاب والشعر بل أداة لإنجاز أفعال وتحسين حالة المخاطب وإذعانه والتأثير فيه.
- يضم كتاب "العمدة" آليات بلاغية عديدة تتباين فيما بينها لكنها تصب وتؤول إلى بنية خطابية واحدة تقوم على التركيب والدلالة والتداول.
- كشف لنا البحث عن احتواء التراث اللغوي العربي على آليات وأفكار تداولية منها اعتماد ابن رشيق على الأبعاد اللغوية كالحجاج في طيات كتابه سواء بطريقة مباشرة أو ضمنية نستدرجها من خلال البحث والفحص، وكذلك نظرية الأفعال الكلامية التي ظهرت في أغراض الشعر المختلفة وهي بؤرة المنهج التداولي.
- تجلّي الحجاج بصورة واضحة قوية في كتاب "العمدة" وكأن الكتاب جاء حجة دامغة دفاعا عن الشعر والشعراء وعمن يكره الشعر وحتى دفاعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم.كما ظهر جليا في علم البيان وصور المتعددة وفي علم البديع ودعمابن رشيق وتوجيهه للشاعر باعتماده الأساليب البلاغية لإفادة المتلقي والتأثير فيه وإقناعه بالطرق المختلفة.
- غاية الحجاج الأساسية هي التأثير والإقناع والإفهام بهدف نجاح العملية التخاطبية.
- اهتمام ابن رشيق بعملية القصد والإفادة، وتوجيه الشاعر إلى الاهتمام بهما وإدراجهما في شعره بغرض إيصال شعره إلى ذهن السامع وتقبله والتأثير فيه.
- عرض وتقديم ابن رشيق للكثير من الأساليب كالإيجاز والتقديم والتأخير، الحذف المساواة، اعتدال الوزن والاكتفاء لأنها تحمل المتلقي على الاقتناع في جميع المعاني الممكنة، كما تعرض للإطناب للتدرج في إقناع المخاطب بمعاني الشعر والخطاب.
- اهتمام ابن رشيق بأسلوب الإيجاز والاتساع والتقسيم وغيرها والتي تعتمد قاعدة الكم والكيف (الأسلوب) عند بول غرايس في مبدأ التعاون والتي تساعد على نجاح العملية التخاطبية.
- يقوم فكر ابن رشيق على مبدأ القصد والإفادة ومراعاة ذهن السامع وحالاته المختلفة ومقتضى الحال (المقام).
- تقابل نظرية أفعال الكلام الإنجازية أغراض الشعر عند ابن رشيق من مدح ووعد وافتخار ووصف وهجاء واقتضاء وغيرها، وقد حث الشاعر على مراعاة مقامات الشعر والفئة التي تقدم لها الشعر كل حسب رتبته ودرجته ومقامه والبيئة التي يعيش فيها.
- عبارة "لكل مقام مقال" التي اهتم بها ابن رشيق وأدرجها في باب من أبواب كتابه تؤكد من خلالها طريقة تحليله وتبين دور السياق بنوعيه المقالي والمقامي في تحديد الوظيفة الاجتماعية للغة التي يؤديها الكلام.
- تندرج المظاهر التداولية وتتحقق في فكر ابن رشيق في كتابه "العمدة" بعمق، فربطه بين بنية الشعر الخطاب من جهة وبين أغراضه وملابساته من جهة ثانية على أنها كل متكامل وجزء لا يتجزأ من بعضها البعض.
ومن أهم التوصيات التي خرج بها هذا البحث ما يلي:
- تطبيق الدراسة الحالية على أغراض الشعر الجاهلي المختلفة دراسة تداولية.
- دراسة الاستراتيجيات الحجاجية التداولية على كتب النقد العربي كما يحتويه من آراء وحجج دامغة سواء ما تعلق بالشعر أو بالنثر.
- استثمار الرؤية التداولية من خلال تطبيقها على نصوص أدبية متنوعة، شعرية ونثرية.
- تطبيق دراسة النظرية التداولية على القرآن الكريم وذلك لأنه مصدر ضخم يحتاج إلى دراسة واعية متعمقة وواسعة لما يحتويه من أساليب بلاغية ونحوية متباينة.
- كشف الآليات والابعاد التداولية في خطابات دينية سواء في العصر الجاهلي أو العباسي.
يمكن القول في الختام أنّ القدماء سواء أكانوا أصوليين أم نحويين أم بلاغيين أم نقادا قد خلفوا إرثا معرفيا ثريا، كشف لنا عن وعي عميق بدور الظواهر اللغوية الاجتماعية والثقافية وإدراكهم لخلفيات معرفية وسياقية لأطراف العملية التواصلية، وهي معطيات تداولية بالدرجة الأولى، واهتمامها البالغ بالمقاصد ومقامات وأغراض الخطاب المختلفة، مما يسمح بإعطاء الدرس التراثي العربي مقومات تداولية في العديد من جوانبه إذ يساعد على الكشف والتعرف على العديد من أوجه التميز والتفرد في الدراسة والبحث بإضافة إلى ذلك يشجع الباحثين على السعي وراء التراث لكشف كل الأبعاد اللسانية الحديثة، والمقاربة بينهما ومد الجسر المعرفي بين الثقافتين لجعلها في قالب واحد متميز وثري. |
en_US |
dc.language.iso |
other |
en_US |
dc.publisher |
جامعة العربي التبسي تبسة |
en_US |
dc.subject |
التفكير التداولي، رشيق القيرواني، العمدة، محاسن، الشعر، آدابه، نقده |
en_US |
dc.title |
التفكير التداولي عند ابن رشيق القيرواني من خلال كتابه العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده |
en_US |
dc.type |
Thesis |
en_US |
Fichier(s) constituant ce document
Ce document figure dans la(les) collection(s) suivante(s)
Afficher la notice abrégée