Résumé:
عرفت الجزائر نموا كبيرا للسكان ترتب عنه عجز سكني كبير خصوصا بالمدن الكبرى، التي عرفت هجرة ريفية كبيرة نتج عنها استيطان سكاني بشكل فوضوي داخل المدن و على أطرافها. هذه الوضعية دفعت بالسكان إلى انتهاج مختلف الأساليب بغية تلبية حاجاتهم من السكن معتمدين في ذلك على مواردهم الخاصة و الذاتية في بناء سكنات فردية، تفتقر غالبيتها للمعايير التقنية الخاصة بالعمران و التعمير، كما أن العديد منها بقي غير مكتمل البناء سواء من الناحية الإنشائية أو الجمالية.
أمام هذه المعضلة سعت الدولة الجزائرية إلى سن العديد من القوانين و التنظيمات التي من شأنها تنظيم سوق العقار و تسوية البنايات سواء الفوضوية منها، أو تلك التي يحوز أصحابها على رخص البناء غير أنهم لم يلتزموا بمعايير البناء طبقا للقانون. إذ يعد القانون 08/15 الصادر بتاريخ 20 جويلية 2008 و الذي يحدد قواعد مطابقة البنايات و إتمام إنجازها، أحد أهم التدابير القانونية التي انتهجتها الدولة في هذا المجال. هذا الأخير الذي عرف عند انطلاقته العديد من العراقيل، مما جعل نسبة انخراط السكان فيه ضعيفة. هذا ما جعل الدولة تلجأ إلى تمديده مع إضفاء نوع من المرونة عليه من خلال إدراج تدابير تبسط كيفيات تحقيق مطابقة المباني من أجل إتمام إنجازها كما جاء ذلك في التعليمة الوزارية المشتركة رقم 04 المؤرخة في 06 سبتمبر 2012.
بعد مرور قرابة عشر سنوات من بداية تطبيق القانون 08/15، و بغية الوقوف على مدى نجاعة هذا القانون في تسوية البنايات ومطابقتها، و تحديد مختلف العراقيل و التحديات التي تحول دون تطبيقه و نجاحه، جاءت هذه الدراسة التي ركزنا فيها بحثنا على مدينة تبسة، التي يعرف نسيجها الحضري انتشارا كبيرا للسكنات العشوائية الصلبة القابلة للتسوية، ناهيك على وجود نسبة كبيرة من السكنات غير مكتملة البناء و التي تشوه المشهد العمراني للمدينة.