Résumé:
تعدّ الاستعارة من المباحث التي استقطبت اهتمام المفكّرين على مرّ العصور، فقد كانت محلّ
بحث دائم كان تطوّره انعكاسا للتّطوّر الحاصل في شتّى العلوم الإنسانية والمعرفية.
وقد مرّت الاستعارة بثلاثة محطّات مختلفة :يونانية وغربية حديثة ومعاصرة، تغيّر مفهومها من
محطّة إلى أخرى ، فارتبط بالجانب الجمالي والزخرفي تارة، وبالمغالطة التي هدفها التّموية والخداع
تارة أخرى ليتحوّل في النّظرية المعاصرة لجورج لايكوف George Lakoff إلى أداة تصورية وآلية
ذهنية مهيمنة على تفكيرنا وجميع تجاربنا الحياتية، منتشرة في اللغة والفكر اليوميين؛ فالاستعارة
في التّصوّر العرفاني لم تعد مجا ا ز لغويّا وإنّما أسلوب تفكير يحدّد نسقنا التّصوّري. إلّا أنّ غياب
البعد التّداولي في النّظرية التّصوّرية للاستعارة جعل فهمها غير متيسّر ذلك أنّها تشتغل بعيدا عن
المتلقّي وعن ظروف وسياقات محيطه، الأمر الذي جعلنا نخمّن في ضبط مفاهيم الاستعارة
التّصوّرية وحصرها في مجال الرّواية وفق منظور المقاربة التّداولية العرفانية.وقد وقع اختيارنا على
مدوّنتين نثريتين هما: رواية الطلياني لشكري مبخوت ومملكة الف ا رشة لواسيني الأعرج، حيث
سمحت لنا مقاربة الاستعارة من هذا المنظور بضبط مفاهيمها على المستويين العرفاني والتّداولي؛
ذلك أنّ الاستعارة آلية عرفانية متمركزة في الذّهن ومرتبطة ارتباطا وثيقا باللغة من جهة، وأنّ
التحليل الوصفي للأقوال المرتبط بالواقع والمتحقّق بواسطة اللغة مندمج ضمن منظومة عامّة
للعمليات المعرفية التي تحقّق الفهم، من جهة أخرى.كما سمحت لنا هذه المقاربة من التّأكّد من
صحّة فرضيّات البحث لأن الرّواية استعارة كبرى ، والاستعارة الكبرى التي تقوم عليها هذه الرّواية
هي استعارة "الحياة رحلة" التي تجعل من العمل الرّوائي كلّا استعاريّا منسجما.