Résumé:
إن العلاقة بين التعمير والعقار وثيقة جدا، ولمواكبة التخطيط العقاري للتخطيط العمراني يستوجب وضع آليات لضبط المعاملات المتعلقة بالعقار، بهدف تقييم صلاحيات الجماعات المحلية في مجال التهيئة والتعمير وتبيان مدى كفاءتها للتكفل بمشاكل المواطنين خاصة منها تسوية ملكية العقار التي تعد أبرزها خاصة على مستوى الاستثمار، فبنشأة الوكالة الولائية لتسيير وتنظيم العقار الحضري ضبطت العديد من المعاملات وحلت أبرز المشاكل في مجال العقار الحضري إلا أن هذا لم يمنع من تفاقم بعض المشاكل، وظهور أخرى.
وإنه لأكبر دليل على ذلك المنازعات المطروحة أمام مختلف الهيئات القضائية بشأن المساحات المهيأة للبناء والتي هي في تزايد مستمر، وذلك بسبب عدم التحكم في مسار النمو العمراني من طرف الجماعات المحلية، بواسطة الوكالة الولائية لتسيير وتنظيم العقار الحضري، وهذا ناتج عن اتساع رقعة السكن العشوائي وانتشار الأحياء القصديرية، وعدم تحكم الوكالة في تسيير التراث العقاري وغياب مسح دقيق للأراضي خاصة التي تحولت من أراضي فلاحية إلى حضرية، وأيضا وجود مضاربة تقوم بها الجهات الخاصة، الأمر الذي أثقل عاتق المواطن في اللجوء للوكالة واقتناء سكن حضري، فيكتفي بالبناء الفوضوي، كما أن نشاط الوكالة فيما يتعلق بالتوسع العمراني على حساب المساحات الزراعية، وعلى حساب المحيطات الطبيعية، أصبح يهدد مصادر الغذاء في المستقبل، ولهذا وجب على الدولة التدخل في هذا النطاق لوضع حد لذلك، وتكثيف آليات الرقابة خلاف أدوات التهيئة والتعمير، لأن الواقع العملي نجدها تتغير على حسب المشاريع المقترحة من طرف الوكالة، وليس تغير المشاريع على حسبها، وأيضا ضمان تسهيل الحصول على العقار الحضري، وذلك لكون الوكالة الولائية وكونها ذات طابع صناعي وتجاري، فإن هدفها الأساسي الربح السريع، ولا يهمها بذلك القدرة الشرائية للمواطن البسيط، أمام الغلاء الفاحش للعقار، وبالتالي خلق توازن للتنمية الاقتصادية أو الاجتماعية وعامل البيئة، إضافة إلى ذلك وضع ترسانة قانونية دقيقة تتحكم باختصاص الوكالة، وليس إحالتها على النظام الداخلي الذي تنشؤه الأمر الذي يفتح مجال أكبر في استخدام سلطتها، ونفوذها كإدارة، ويجعلها تتعسف في استخدام سلطتها اتجاه المواطن خاصة.
ومن هذا المنطلق نجد أن العقار الحضري بالمفهوم الحديث يحتاج إلى توعية أكثر في الجزائر، للمحافظة عليه، وللمحافظة على الوعاء العقاري بصفة عامة، إذ لا يستقيم التطور والتنمية على حساب تراث ثقافي، سياحي، أو تاريخي، أو على حساب المساحات الزراعية.
فتحقيق التوازن في الحصول على العقار بمختلف أنواعه فلاحي، صناعي، تجاري، أو حضري، يحقق أهداف التنمية المستدامة وإقامة مجتمعات عمرانية ناجحة وجاذبة للسكان ذات طابع جمالي وفقا للمعايير الدولية.