Résumé:
استطاعت اللسانيات الحديثة منذ القرن التاسع عشر، أن تغير وجهة البحث في اللغة، من
دراستها عبر مراحل تطورها، إلى دراستها في ذاتها و لذاتها، والفضل في ذلك يعود إلى العالم اللغوي
فرديناند دي سوسير، الذي نقل اللسانيات من البحث التاريخي إلى النظام، ثمّ أخذت منحى آخر
بفضل جهود العالم إيميل بنفنسيت الذي نقلها من النظام إلى التواصل. و من هنا جاءت التداولية،
التي تدرس اللغة في واقع استعمالها، لتكشف عن علاقة النص بالعناصر الخارجية للتواصل، عن طريق
ربطه بسياق إنتاجه أو سياق تلقيه، وهي حقل معرفي تعددت قضاياه نذكر منها: أفعال الكلام، المحادثة
و السياق و الحجاج، هذا الأخير الذي تهتم التداولية بدراسة جهازه. التداولية هي المقاربة التي تُعنى باللغة أثناء الاستعمال، مع الأخذ بعين الاعتبار مستعملي اللغة،
و السياقات المستخدمة فيها، و اهتمت التداولية بعدة قضايا منها:أفعال الكلام و المحادثة و السياق
و الحجاج. و عرف الحجاج منذ العصور القديمة، فقد مارسه السفسطائيون كوسيلة للإقناع في السياسة فيما
جعله أفلاطون طريقا للوصول إلى الحقيقة، ليأتي أرسطو و يربطه- الحجاج- الخطابة.