Résumé:
الملخص:
إن الخطورة الإجرامية كانت موضع اهتمام كبير من قبل علماء الإجرام في العصور الأخيرة، التي كان
الهدف منها محاولة تسليط الضوء على نظرية الخطورة الإجرامية في السياسة الجنائية، فبعد أن كان السلوك
المكون للجريمة، محل اهتمامهم والنظريات المختلفة في القانون الجنائي، أصبح شخص الفاعل للعمل المخالف
للقانون والمؤدي إلى الجريمة محل هذا الاهتمام بدلا من الجريمة، ومن ثم النظر من زاوية العناية بالمستقبل بدلا من
العناية بما أصبح ذكرى من ذكريات الماضي، كل ذلك مهد لظهور معيار جديد في القانون الجنائي وهو نظرية
الخطورة الإجرامية والتي تهتم بالعناية بالأشخاص المجرمين الذين يهددون أمن المجتمع وسلامته وتركز على وقاية
المجتمع وإرساء المفهوم الواقعي للدفاع الاجتماعي.
فكان لزاما على المشرع الجنائي حماية المجتمع بوضع نصوص تواجه خطورة المجرم، التي لا تنحصر فيما
يمكن أن يقع من جرائم بالنسبة لأشخاص سبق لهم ارتكاب أفعال مجرمة وتوافرت لديهم خطورة إجرامية، وإنما
أيضا بالنسبة لأشخاص لم يقترفوا جرائم بعد، وإنما تنذر حالتهم بأنهم سيرتكبون جرائم في المستقبل، طالما أن
الخطورة هي حالة تتعلق بالشخص يصبح معها مصدرا محتملا للجرائم، لذلك فإنها قد تثبت دون ارتكاب
الشخص للجريمة، كما أنها قد تثبت أثناء وبعد ارتكاب الجريمة، فلا يلزم أن ينحصر وجود الخطورة الإجرامية
في الشخص الذي أجرم بالفعل دون سواه، فقد تتوافر حتى في الشخص الذي لم يرتكب جريمة بعد، وإنما
يحتمل بسبب وجودها فيه أن يرتكب جريمة، وبالتالي فإن للخطورة الإجرامية دور في خلق نماذج أو صور
التجريم، كما يتوقف عليها أيضا تحديد نوع الجزاء ومقداره .
ذلك أن هذا الأخير أصبح يتخذ طابعا شخصيا حيث يراعي فيه مرتكب الجريمة والعوامل والظروف
التي أحاطت به ودفعته لارتكاب الجريمة، فالهدف منه لم يعد إيلام المجرم، بل أصبح الغرض منه هو إصلاح
وإعادة تأهيله وباعتبار القاضي هو الذي الجهة الأقدر والأكثر معرفة لشخصية المجرم مما يمكنه اختيار الجزاء أو
التدبير الملائم، ويترتب عن هذا منح سلطات أكبر للقاضي في تقدير العقوبة وذلك بالنظر إلى الدور الهام الذي
يلعبه قاضي الموضوع عن استخدام سلطته وهذا يقتضي بالضرورة إعداد القاضي وتأهيله علميا وتمكنيه بالاستعانة
بالخبراء من أجل الوصول إلى تشخيص دقيق لحالة الخطورة الإجرامية وما يشكل تمهيدا لفرض العقوبات أو
التدبير الأكثر الملائمة للجاني.